المشاركات الشائعة

الخميس، 21 نوفمبر 2013

الخطاب النقـدي وازمة الهـوية / كريم شلال العراق ....................



 
الخطاب النقـدي وازمة الهـوية
كريم شلال
العراق

ان محاولات تسويق العنف او التزام الصمت ازاء ما يحدث يعكس دون ريب المشكلات التي تطفو على سطح المجتمع من حين لاخر ، فتظهر ترهلا وركودا بل تخلفا مستشريا في ثنايا المجتمع ، بعد غياب العين الرقيبة والنهج النقدي الذاتي، وفي ظل غياب الحوار وعدم تبلور العقل النقدي وافول التحققات والموازنات ، وكذلك غياب الموسسات التي تهتم بتشخيص عيوب المجتمع ونقائصه ومحاولة شخصنتها وعزلها والتعامل مع عوامل ضعفه واضمحلاله . وللحيلولة دون الوقوع في بؤرة ذلك كان لزاما علينا اتباع منهج النقد الذاتي المعمول به في المجتمعات المتطورة والذي يعد بمثابة الجذوة التي تمثل الصحوة والايقاظ في ضمير الامة ومشاعرها ، والتي تمكنها من اكتشاف اسباب ظاهرة العنف واحتوائها مستغلين بذلك ما للاواصر العميقة بيننا، ولما لظرفنا الاجتماعي من روابط فهي كفيلة بان تسهم في ارساء بل احياء للكثير من ثوابتنا ، وفي مستوى اعمق على كل لبيب ان ينظر الى مشكل الهوية في مجتمعنا المسلم ضمن اطاره الاعم الاشمل .
ان هوية الفرد الى حد ما تعد بمثابة هوية الامة في عالمنا المسلم فهي تمر بازمة نتيجة الصراع الداخلي بين الماضي والحاضر ، او بصورة اخرى نتيجة الهوة والفجوة الاخذة بالاتساع بين نظرة المسلم الى نفسه وبين ذلك الواقع الراكد للعالم المسلم او نتيجة الضغط الناتج عن ذلك التجاذب بين القوى الداخلية والخارجية .
وتاسيسا على هذه المفاهيم يظل الفرد المسلم يتاجج ويتاوه بل يحترق داخليا من اجل الوصول الى حلول في كثير من مفاهيمه الامرالذي يجعله يتخبط ويعيد الكثيرمن حساباته. ففي ظل الانفتاح الشامل التقني ، تتشتت الرؤى لما يحيط بالفرد من تداخلات شتى ومذاهب متنوعة ، قد تذهب بالبعض الى الغوص فيها عميقا دون تسلحه الكامل بالاسباب المنقذة لهيجانه ، ويظل كالغريق الذي يانس بنسمة هواء وان كانت غير عليلة لكنها المنقذة في ذلك الظرف السائد حسب اعتقاده ، والسؤال : من المسؤول عن تلك الضبابية في ظل غياب الصورة الناصعة وغياب الهوية ؟ ونعود لنقول ان من بديهيات المسلم الايمان المطلق بالمباديء التي ننادي بها وكذلك ينادي بها ديننا العظيم ( الاسلام ) وهي ( ان المسلم مراة المسلم ) ومن هذا بات لزاما علينا قبول الرأي والنقد من الاخر المسلم والانسان وبالتالي نصل الى رؤية واضحة لعيوبنا ووئدها في مهدها اذا ما التزمنا بثوابت ديننا ومن ذلك نؤسس الى نقد ذاتي بل مدرسة للنقد الذاتي لنصل من خلالها الى ما وصلت اليه الدول المتطورة . اما ان الاوان لنتقبل نقد الاخرين ، بل ولننظر الى انفسنا من خلال غيرنا لاننا قطعا سنرى من خلالهم رؤية اصدق وانصح من مراتنا المزيفة ، ولنتقبل راي الاخر وان كنا في مواقع لاتسمح للنظر الى من دوننا ، لنخلع اقنعتنا الوهمية التي طالما وقفت حائلا بل عائقا دون تطورنا ، لان الانسان هو مجموعة من الخطايا تسير في ارض الله وسعادته تكمن في معاشرة بني البشر فمن هذا اصبح لزاما علينا ان نتقبل احدنا الاخر بعد ان نكسر تلك الصنمية في دواخلنا وامراض الكبرياء التي تحول الى التقزز وعدم تقبل الاخر ، لنرفع اقنعة الوهم ولنرمي بالالقاب التي صنعناها لنحتمي خلفها والتي جعلناها ابراجا عالية فيما بيننا وبالتالي يظل احدنا يقذف الاخر ويلعنه من بعيد ـ دون سبب ـ لنصل لمزيد من الخراب وفقدان العزة بل فقدان الهوية والانتماء، وننشر مقت الوطن بدلا من حبه، ونؤسس الى جيل بعيد كل البعد عن هوية الانتماء التي بدانا نفقدها يوما بعد يوم بعد ان ضيعنا هويتنا وبالتالي سنفقد بعد هويتنا وطنيتنا وبالتالي نفقد وطننا وسنبحث عن وطن بين الاوطان وستلعننا كل الاجيال الى ابد الابدين .
واخيرا اقول لاضير ان نختلف ونتحاور ، ولنجعل اختلافنا يصب في فيض محبتنا ، ولنبتعد عن لغة التشنجات والتخرصات ونبتعد عن لغة الانا ، فليس بالضرورة ان ما اؤمن به هو الحقيقية وما عداه باطل ، ولنتاسى بالقول الرائع ( ان رايي صائب يحتمل الخطأ ورايك خطأ يحتمل الصواب ) ( فكل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون) حري بنا ازاء هذه الضبابية ان نعود الى انتمائنا الحقيقي وهويتنا الحقيقية ، ان نعود كمسلمين وان نثقف بعضنا البعض ونعود الى رشدنا فان الاسلام كان قد قرر قبل اكثر من ( خمسة عشر ) قرنا ( وحدة البشرية ) فاعلن الله سبحانه وتعالى : ( انَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) البقرة / 213، وهي دلالة ناصعة الى ان النا س امة واحدة في الاصل ثم اختلفوا . من هذا يتبين ان ليس هنالك فرق بين عربي على اعجمي ولا لابيض على اسود الا بالتقوى وان هذه القاعدة السماوية تؤسس الى تعميق الوحدة التضامنية وتكفل قوة الانتماء، وتحيلنا الى التراص والمحافظة على هويتنا من التصدع والضياع .

كريم شلال ... ناقد وباحث عراقي

.......................................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق