المشاركات الشائعة

الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

أضرحةُ الذِكرى / عبد السلام الفصاب العراق ..................



 
أضرحةُ الذِكرى
عبد السلام الفصاب
العراق

__________________________________________________

يا ربّي قد ملّتِ النفسُ من العتبِ ... في كلّ قوسٍ أرى عجائبَ العَجَبِ

في غُربتي و أنا ما بينَ أظهرِهِم ... أهلي و قد فرَّقتنا آفةُ الكُرَبِ

يفتون عنّي بأنِّي صابني خَبَلٌ ... منها و خافوا على عقلي من العَطَبِ

أجوبُ أضرحةَ الذكرى أزقّتها ... شابتْ عيوني جوىً و اللَيلُ لمْ يشِبِ

يا ربّي بين ضلوعي جذوةٌ سُعِرت ... من جذوةٍ بعُدَتْ غَابَتْ و لم تَغِبِ

و احتار ظَنِّي بها كيف يصدِّقها ... لم تتركِ الجدَّ لا كفّت عن اللَعِبِ

أذوبُ في ولهٍ فيها و من لهفٍ ... كشمعةٍ أحرقت رأساً و لمْ تذُبِ

و لوعتني بأمري في مساربها ... لا غادرتْ جرمي لا تدور في القُطُبِ

بينَ السماءِ و بين الأرضِ ناقتُها ... فوقَ جناحِ السحابِ الغائمِ الرَطِبِ

بِكْرٌ تفيضُ حياءً من خوالجِها ... حبّاً و ما شابها شُحٌّ من الأدبِ

بيضٌ مناكبُها سودٌ ذوائبُها ... تآلفَ الضدُّ و الضدُّ بلا صَخَبِ

كأنَّها مريمُ العذراء في أَلَقٍ ... لم يدنُ من طاهرٍ منها و لا جُنُبِ

ترفلُ في عزّها في روضةٍ غَنِيَتْ ... و أودعتني بنارِ الشوقِ و اللّهبِ

و حمّلتني بها ما ليسَ يحتمَلُ ... كأنّني حاطِبٌ حمّالةُ الحطبِ

تعدّدتْ أذرعُ الأسبابِ في يدِها ... فأبعدتني بها لكنْ بلا سببِ

قريرةَ الجفنِ نامتْ عنْ شواردها ... و شرّدت خاطري للظَنِّ و الريَبِ

طالَ عليَّ شهوراً قيظُ غَيبتِها ... كأنّني صائمٌ ظمآنُ من رَجَبِ

حتّى كأنَّ صِيامي ليسَ منقطعاً ... لا عيدَ يأتي كما قد جاءَ في الكُتُبِ

أسائلُ النجمَ عنها أينَ طافَ بها ... فصعّرَ النجمُ خدّيهِ و لم يُجبِ

ردَّ عليَّ صدىً من نيزكٍ أفَلَتْ ... عنكَ و بينكما جيشٌ من الحُجُبِ

و حينَ قلتُ لهُ دُلَّ الفؤادَ لها ... ألقَتْ صواعقُهُ نَبْلاً من السُحُبِ

و احتدَّ بدر الدُجى من مطلبي بَرِماً ... و احمرَّ وجهٌ لوجهِ الشمسِ بالغَضَبِ

و حذّرتني رياحٌ بعدهُ عبرتْ ... أنَّ السما مُلِأتْ بالجِنِّ والشُهُبِ

أ يحسبون بأنِّي عابثٌ طَرِبٌ ... لا لن أحيدَ و لا أغذُّ بالهَربِ

بشِرعة اللهِ و الأشرافِ أطلبُها ... لا شِرعةٍ عابَها التَضليلُ بالكَذِبِ

أوقفتُ شعري لها في كلِّ منقبةٍ ... لم ينفدِ الشعرُ و لا أصيبَ بالنَصَبِ

يا عينَ بَيروتَ قدْ حلَّ بكِ قَمَرٌ ... قرّي بها قَمَري بِصَدْرِكِ الرَحِبِ

لمّا رأتْ قلبَها عنها و قد رحلتْ ... بغدادُ باتتْ بلا قلبٍ و لم تطِبِ

____________________________________________________

عَبد السَلام القصَّاب ... شاعر من العراق

..........................................
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق