تراتيل
خديجة السعدي
العراق
لنْ أعيدَ قِصة الحزنِ
أو قِصة الخلقِ
أو أساطير أخرى كبيرة .
سأحدّثُ الأشياء عن قصصي الصغيرة
بهمسٍ لا يكادُ يُسمع .
سأُحدثها عن خوفي وشوقي
واقتراب ساعة الغروب
آن تشرق الأحلام .
أقفُ على شواطئ لا حدود لها
أرى بحراً يتلاحقُ موجه
كأنفاسِ الصبح .
بعد قليل، تبدأ الأمواج في داخلي
بالتراكضِ أيضاً
ليسبحَ قلبي فيها
كما كان جسدي النشوان سيسبح
في زرقة البحر البعيد .
وبعدَ أن ينام كلّ أهل الحيّ
على قيثارةِ الليلِ سأعزفُ
وأرددُ تراتيل الحبّ .
أرى جمالَ أشياء صغيرة
لم أكن ألحظها من قبل :
ينبوع فرحٍ لا ينضبْ
ألجُ دواخلها؛
أراها تتراقصُ، تتعانقُ
وتريدُ عناقي .
تمتدُ خطاي و تتداخل الأحلام :
ألهو كفراشٍ لا وجهة لهُ،
تتقاذفني الريحُ كغيمةٍ شاردة ...
يا لهذا الفرح الذي لا يتعب !
أرى الجبال وكثبان الرمل؛
أرى أشجاراً وطيوراً وأسماكْ ...
أراها كلها في الوقتِ نفسه
حالما أغمضُ عينيّ .
الذاكرةُ سجل الجمال .
كلّ شيءهنا،
كلّ شيء كان هنا
لكني لمْ أرهُ .
لمْ أفقد سوى عماي .
كم تشبهني هذه الاشجار !
كم تشبهني هذه الأنهار
كم أشبهها
وهي تشدو لحنها الأزلي !
ربما فقدتُ الكثير الكثير
بيد أني لستُ نادمةْ .
ربما كانت أجسادنا
ظاهرة عابرة
بيد أني الآن خالدة .
رفةُ عينٍ
وخفقةُ قلبٍ
في الحاضرِ أحيا
بلا غدٍ
وبذاكرةٍ بيضاء كطفل .
تركتُ كلّ أشيائي ورائي
لم أعدْ أذكرُ الماضي
وأمنياتي القديمة كلها
تركتها على قارعةِ الطريق .
أنا ابنة العزف الأبدي
تحملني الريحُ كهمسةٍ
تبحثُ عن أُذنْ .
أعرفُ أني لن أصل النهاية
أنْ لا نهاية، لا وصول .
حسبي الطريقُ
وما قد يصادفني وأنا أهيمُ
كقطةٍ جائعة تجوبُ
الطرقات المُعتمة
بعد مُنتصف الليل .
بأحلامٍ كبيرة
أتسلقُ سلالم النور
أحملُ سلالاً من الوردِ
لأوزعها على الجميع .
لا لستُ نبيّة
لكني أحبُّ .
أضعُ اليقينَ في كلمة شكر
وأنامُ بهدوء .
لا تراتيل سوى دقاتِ قلبي .
×××××
خديجة السعدي ... العراق
...........................................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق