المشاركات الشائعة

الجمعة، 16 مايو 2014

قراءة تحليلية في قصة الكاتب المبدع عمر حمش صرة المؤن محمود عودة .... مصر ...........












 

قراءة تحليلية في قصة الكاتب المبدع عمر حمش
صرة المؤن
محمود عودة .... مصر

صرة المؤن عنوان ذا دلالات في حياة كل لاجىء فلسطيني عاش نكبته وما تلاها من سنين عجاف ، ولكن الكثير من شعوبنا العربية لايعي معنى هذا العنوان الذي يشكل أحد النقط البالغة السواد في تاريخ الوطن العربي .
بدأ الكاتب المبدع سرده عن الصرة ( الصرة قطعة قماش كبيرة نسبيا تلف مجموعة من الملابس المستعملة ) ويأخذنا مع رحلتها عبر السفن والطائرات لتصل الى المشردين الفلسطينين في مخيماتهم من خلال وكالة غوث الاجئين والتي ما زالت موجودة حتى الآن .
ثم ينتقل بنا الكاتب الى مشاعر أسرة فلسطينية من الأسر البائسة التي تنتظر بفارغ الصبر هذه الصرة لعلها تجد بداخلها ما يقيها زمهرير الشتاء أو كسوة العيد لأطفالها ، وعبر الكاتب بتكثيف مميز عن مشاعر الأطفال الفلسطينين المحرومين من أبسط مباهج الحياة ، عندما فكرت والدتهم ببيع الصرة ، فصرخ الأطفال لا والله لانبيعها ، وهنا تدخل الوالد ليهون على الأطفال ولا يفسد فرحتهم وقال : أمكم تمزح ( ولكن الحقيقة الغائبة عنهم أن أمهم لا تمزح ذلك لأنها تفكر في كيفية تدبير أمور حياتها وحاجتها للنقود للقم الأفواه الجائعة . )
وببراعة ينقلنا الكاتب الى أهل المخيم ليجعلنا نعيش معهم مدى سعادتهم الزائفة في يوم تسلمهم الصرة وكيف يتسلل الأطفال بين أرجل الكبار وهم ينتظرون دورهم في استلام الصرة من مركز التموين ، لدرجة ان المدارس تفرغ من التلاميذ ويشرح لنا الكاتب بذكاء كيفية نقل هذه الصرر فوق الرؤوس بالوانها المتعددة ، وقد فاحت رائحة الزيوت والبترول المكرر وتعفرت الوجوه بغبار الطحين وهي لوحة مأساوية رسمها لنا الكاتب ببراعة تتكرر طيلة أيام الأسبوع ما عدا يوم الأحد ولكنه شرح لنا بامتياز يوم تضمين التمون صرة الملابس .
وما أروع الكاتب وهو يذكرنا بمسببي وصانعي النكبة الفلسطينية ( الأنجليز والأمريكان ) وهم يرمون لنا بقايا ملابسهم وكأن الشعب الفلسطيني أحد صناديق قمامتهم .
وتتجلى هذه الصورة عندما اضطر الطفل أن يلبس جاكيت نسائي وحذاء حريمي قديم وصفه بحذاء سيدة عجوز ميتة وأبرع الكاتب في تصوير رد الأم على تذمر الطفل وهو يتقمط هذه الملابس بقولها ( إتق البرد ولو بالجرد ) حالة إنسانية صُرّةُ المؤن
كانت تأتي من البعيد، تعبر القارات نحو مخيمنا الصغير!
تستلقي سمينة في بطون السفن، وخزائن الطائرات!
وفي مقصورات القطر الجاريات!
كانت صندوق العجب، خاتم سليمان المقدوح في جحيم الانتظار!
أمي الصّبية تقول:
 
: هذه المرّة نبيع الصرة
 
- فنصرخ في صحن الدار:
-
لا والله ما نبيعها
 
- ونتعلق بفم والدنا، فيسعفنا :
 
- أمّكم تمزح يا أولاد
 
- هيه.. هيه
ليلتها المخيم لا ينام
يظلُّ ينتفض بانتظار بنطال العيد
وقميص العيد
وحذاء العيد
وفي النّهار لا يستقبل المعلمون الصغار
هم يحلقون بعيدا، وفي الزحام يختفون بين أرجل الكبار،
يتدحرجون عبر الباب ... بين الصّرر المنتفخة الخارجة فوق الرؤوس
صفراء
وحمراء
وخضراء
وأنا أضيع
عن أمّي أضيع
في رائحة الزيت والنفط المكرر أضيع
وجهي بالطحينِ مُعفرٌ
وأنا اركض لألاحق العربة التي يجرها حمار
-
أين صرتنا يا أمي؟
تشير إليها، فينبشها عقلي ... أفرز حصتي من هدايا الانجليز والأمريكان!
ألهث خلفها، أقرصها مستكشفا، ثمَّ على تراب الدار نبطحها، لندور حولها كأنها اله!
ندور طائرين!
ثمّ نتجهم!
عند فتحها نتجهم
يصيح والدايّ:
 
- يا ليتنا بعناها .
ثمَّ يعودان لمراجعة المحتويات
يُلبسان جسدي
وأنا أصيح:
 
- هذا جاكيت ستاتي !
 
- يأمراني :
-
البس
-
وتضيف أمّي
-
اتق البرد ولو بالجرد
ويلبسان قدميّ
فأصيح :
 
- هذا حذاء عجوز ميتة !
فيصرخان :
-
البس
ألبسُ ... أترنحُ على كعب الغزال، وبالجاكيت الستاتي أمشي في تراب الدارِ مثل ديكٍ منفوشٍ مثيرٍ للقشعريرة !
من مجموعة العودة إلى مجدل عسقلان


محمود عودة ... قاص من مصر


________________________________________






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق