ختمة حمدان
الأعلامي ضياء الجبوري
العراق
مات جدو حمدان
انتهى كل شيء يافارس
لم يمت متكئا على جذع نخلته العيطاء
وبيده المهفة
كما كان يتمنى
لم تكن ماعزه الشهلاء بقربه
تصيح بوجهه ليستيقظ من غفوة
الموت
كما كان يقول مازحا
من سيتذوق لبنها من بعده
ويصفه بقيمر عرب كما كان
يصفه بكل اعتداد
من سيوزع بعده البرتقال
والليمون والرمان والتمر على بيوتات الحي
ويطلب منهم قراءة الفاتحة
على ارواح الموتى
من سيخرج رؤوس المصلين من
نوافذ الحي فجرا من بعده
وهو يوقظ الجميع للصلاة
مرددا :
ماسلككم في صقر قالوا لم
نكن من المصلين ..
كل شيء في الدور والازقة
السكان والابواب واجراس
الدور
والنوافذ والطابوق وأعمدة
الاضاءة واسلاك المولدات
وأرغفة الفطور وقناني
الحليب
وحتى القطط والعصافير
والحمائم
جميعهم حفظوا الاية عن ظهر
قلب
من سيحظى بمصحفه المنقوع
بالدموع
لاأحد يافارس يستحقه
ضعوه على صدره
انه أقدس المصاحف
لايمكن ان يمسه الاحمدان
نفسه
ولن يستطيع ذلك بعد اليوم
كنت اقول له : انت لاتجيد
القراءة والكتابة ولكنك تقرا القرآن بطلاقة
اتعرف ماذا كان يقول يافارس
؟
- دعيني انظر واستمع فقط لكلام
الله
كلام البشر يؤلم الرأس
مازحته يوما :
- جدي انت تطلق الاسماء على
كل شيء : الاشجار والحيوانات
حتى نحن اولادك واحفادك
تطلق علينا اسماء خاصة بك
لو اردنا ان نمنح كل هذه
الاسماء جناسي خاصة بها
لاحتجنا الى مديرية احوال
مدنية بكاملها
كان يضحك ويقول لي :
- ماذا تنتظرين الست مهندسة
ارسمي لنا خارطة للمديرية
وسأدفع لك أجرتها !
لقد ذهب ولن اراه مجددا
لن يحتضنني
ولن ينظر الي بعينيه
الحمراوتين
اللتين تذكرانني وباللحظة
ذاتها بالشروق وبالغروب
كيف يمكن ان يمتزجا يافارس
اعني الشروق والغروب ؟!
لن يسمعني بعد اليوم عبارته
المحببة الى قلبي
انت عيون جدو يانهلة
تصور! عيناه المتقدتان
كجمرتين من كثرة البكاء في التلاوة
واللتين اتخيل انهما تغسلان
كل خطايا البشر في القارات الخمس
يطفئهما انتحاري من داعش
لايمتلك في جمجمته
الشيطانية
عينين بشريتين
انما هما عينا خفاش ينظر
بهما لكل شيء بالمقلوب
اخبرني يافارس
هل نظر هذا الخفاش الى عيني
جدي قبل ان يكبر تكبيرة الشيطان
ويفجر نفسه
هل نظر الجبان ؟!
بغداد 30-12-2012
.........................................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق