المشاركات الشائعة

الجمعة، 6 يونيو 2014

بائع الروح / عباس سلطان .... العراق ..........














بائع الروح
عباس سلطان .... العراق
 



لازال يجلس في ذلك المجلس البسيط .في غرفته الباردة على سطح البناية .والتي يرى من خلال نوافذها القديمة الشوارع بأنوارها الملونه ونافورةُ ماء مهمله تتوسط ميدان يجلس عليه بعض المتعبين من نهار طويل . يتقاسمون رزق يومهم القاسي. وتداهم مسامعه أحاديث المارة من السكارى و اصحاب المهن الليلة . والعساكر المحبطين بخطواتهم المتمردة. وضحكات بنات الليل التي تخرق حياء الصمت .كان يهم بكتابة نهاية روايته التي تأخرت اكثر مماينبغي . والتي كان قد نسج حروفها باتقان وجلّ ماكان يحتاج لحظتها هو أختيار النهايه التي يجب ان تكون مؤثرة لكي يقوم ببيعها الى احدهم ليكتب اسمه عليها ..... تلك الصفقه المبتذله التي عقدها في الليله المشؤومه. في ذاك المقهى الشعبي القديم ... مع احد المترفين.
( رافع ) اسم ذلك الشخص الذي لايعوزه شيء سوى ان يكون اديبا تلبية لرغبة عشيقته الفاتنه ...تخيل الحشد الذي سيحيط ( برافع )من المهنئين حين توقيع تلك الروايه ... فتوجس الاضطراب الذي يصيبه والنقيضين .. من اضطهاد بحق النفس التواقه للضهور من خلف الستار المظلم ...وسعاده حينما يسمع المديح من القراء حين يذكرون الاسطر التي كتبها بحسه المرهف رفيع المستوى ....لكنه استسلم لجحود الواقع حين انهالت عليه الأرقام الدنيويه المرهقه من ايجار مسكنه . ورسالة والدته التي تطالبه بارسال نقود لعلاج شقيقته المريضه ... التي تراود مخيلته بعد أخر زياره لهم ويتذكر كيف قد حلقو ا رأٍسها لضرورة العلاج الكيماوي ولم يبخل على نفسه بالتأمل أن يريح قدمه من المشي المضني على ذلك الجسر القديم الذي يعرفه اكثر من كل المارة .
وبخار الطعام الذي يستنشقه عندما يستلم المبلغ من ذلك الاحمق الذي لايفقهه بالحروف ولايعرف سوى ارضاء عشيقاته فقط .... نظر الى ساعة الجدار المعلقه وعزم على اكمال الروايه حتى لو حرمه هذا النوم الهنيء ...............تحرك القلم مسطراً كلمات الراويه بياض الورق فقاطعه صوت من أعلى البناء .
هل عليك ان تقتلني.؟!.... فارتعدت أوصاله من قوة الصوت
فرد مسرعاً من هنا؟! ... من؟؟
أجابه صوت اخر وأنا ..لمَ تحرمني منها ايها البائس؟ هل تمارس بؤوسك وفشلك بالواقع على مصيرنا.
التفت (كريم )بسرعه نحو الصوت الأخر ... من؟ ... من هنا ؟.. وعندما لم يجد أحداً
أمسك رأسه بين يديه قائلاً.. يالهي لقد جننت دون ان اشعر بدأت اسمع اصوات في رأسي...
صوت المراءه ؟... لا استاذ كريم لست مجنونا ... راقه لفظ استاذ وكان وقع الصوت اكثر حنانا من قبل . من انتِ؟ وكيف عرفتِ أسمي؟! انا سلمى. التي أوصلتني في أحداث روايتك حد الموت ... حتى تجعل الحدث مفاجئاً ومدهشا ... ثم نظر اليها وقد أمالت بشعرها جانباً وبان خدها المضيء وعيناها الواسعتان.... هل عليك ان تفعل ذلك بي ؟
اجابها وهو يحاول ان يساير خياله المتدحرج في الاوعي ... برقه وعطف لاأعرف ان كان علي فعل ذلك ... انت جميله حقاً ...
قاطعهما صوت أّ خر بخشونه وحدة
لماذا تحكمت بمصيري
ولم ارسلتني للحرب وقطعت احد قدماي ؟من انت حتى تتحكم في جسدي وتقطعه منه ما تشاء بخيالك السخيف هذا .
لم اخترت قدمي بالذات الا تعرف اني احب كرة القدم ... بما سالعب ايها السافل ها .. أخبرني ؟
صوت اخر : ولماذا جعلتني مومس ؟ لِمَ انا بالذات ... هل تريد ان تجلب قراء عن طريق مشاهد ساخنه .؟
انت قواد حروف اذن ... تبا لك . ما هذا المصير القاتم .. ومن انت حتى تقلب حياتي بمزاج قلمك التعيس ؟
....
اصوات متعدده ... تحاصره بشكل دائري وهو يصرخ ويئن .
....
يتغير صوته تدريجيا بالحزن وتترقرق الدموع في مقلتيه. هذه هي مصائركم . ماذنبي انا ؟
انظروا حالي !! يتراجع قليلاً وهو يتحسس جسده انظرو كيف اعيش .؟
يجري بسرعه نحو كيس في احدى الزوايا.. وفي داخله نصف سندويش بارد ... يرفعه باابتسامة هذا عشائي الذي احاول ان اقسمه على مدار هذا الليل ..
ثم يصرخ بهم تعالوا ايها المعترضون. السذج يفتح النافذه بكاملها ويشير باصبعه الى المطعم الفخم قبالته ... انظرو ذاك البدين كيف يأكل ..
الطعام يعلو مائدته .... انظروه انه يأكل من اجل الاكل فقط ... وانا اريد ان اسد رمق الجوع...
ثم يجري بسرعه وتلحقه الشخصيات .. يخرج من جاكيته رساله والدته ...... التي تخبره فيها ان جسد اخته بداء يتضائل من المرض ... وانها الان مجرد جسد يتنفس المرض ....
توقف قليلاً محدقاً بالأرض ثم نظر اليهم قائلاً. انا مضطر ان ابيعكم . ولكن لن ابيعكم لوحدكم
سأكون انا معكم في الصفقه . وسأبيع مصيري ايضاً ..
انه هو!!
من كتب نهايتنا ذلك اللعين وماله السخيف .
ثم ينهار من البكاء وسط شخصياته . ويطلق العنان لنحيبه .... وهو يجول بنظراته بين وجوههم ... انا احبكم جداً .انتم قطع من روحي وأحساسي . انتم انا ... نعم انتم انا .... أشلاء من احساسي تجسدت فيكم يتلمس وجوههم ... ثم يدير وجهه .تبا لكم من قال ان النهايات السعيده هي الافضل ؟
من قال ذلك . لابد ان تنيروا كالجمر في هذا الاحتراق الذي اكابده ....... ثم انكم
على الاقل ...ستحتفظون بارواحكم واسمائكم . ونكهة احداثكم التي ستدهش القاريء ....... اما اانا ساضل وحيداً اراقب نجاحاتكم باٍسم شخص اخر يجهش بالبكاء من جديد مردداً
انهم يسرقون حتى خيالنا .. وافكارنا وكل شيء .. يرتفع صوت بكائه اكثر فأكثر .. تباً هذا ظلم .. ظلم .
ثم يتوقف عن البكاء ويصرخ بهم ....... عليكم اللعنه ايها المعترضون تعالو نتبادل الادوار يدخل ويجر احدهم ويدفعه الى مساحه بعيده من وقوفه ... هيا انا من ضمن الشخصيات ارسم لي مصير افضل . يجري الى منضده متهالكه ويرفع قلم من عليها. يرمي بعض الاوراق على وجه الشخصيه
..
هيا اكتب مصير يليق بي .. كيف يمكن ان يكون هذا المصير؟ انا الان من ضمن الشخصيات ارسم لي مصير افضل هيا .
.....
تبقى الشخصيه واقفه تنظر اليه بدهشه وخوف .... تراقب حركات يده ...
يرجع اليه يلامسها بلطف .... ثم يبادرها بصوت هامس أنا فعلا اسف . يعم السكون والحزن والاحباط .... ثم يجلس على كرسيه اخر حجرته .... وهو منحني الرأس يسمع حركه بدون وقع خطا وصوت هامس ... (سلمى )... تبادرها بنفس الصوت الرخيم .. استاذ اقتلني كما تشاء فأنا لست سوى حفيف خيال بنت افكارك وخيالك ... لكن كن مبدعاً وأنت تخيط مشاهد موتي سارجع الى حروفك هانئه بموتي هناك ... ثم يلامس وجهها فتتلاشى كالضوء وتستقر بين الاوراق .... ثم تأتيه اخرى ... متردده .. استاذ... مومس ... مومس لاضير ان كنت رسمتني هكذا... لكن اخبرهم سبب ذلك ربما اكون سبب في انقاذ البعض من مثيلاتي ... وداعا... ينظر بعطف ... ثم يراقب تحولها الى اوراقه ... كالضياء....
ثم يسمع مجموعه .... من الشخصيات ... وهم يتفقون على كلمه واحده ... هيا بنا الى مصائرنا ..... ثم يرتمون بين الاوراق يلحقهم الرجل .. ذا القدم المقطوعه .... وقبل دخوله ... يكلمه .... استاذ... اياك ان تبعنا رخيصاً ... او تبيع نفسك ..... ثم يختفي
................
ثم ييسحب القلم ببطيء ويشرع في كتابة اخر صفحتين وهو يراهم من خلال السطور وهم يبتسمون له ... فتتساقط دموعه على السطور .... ليرسم الفرح الممطر على ابواب النهايه ......... كان يتخيلهم يومؤون اليه ويستسلمون لوقع قلمه باابتسامة وداع .....
ويبزغ الفجر تحت انظار عينيه المتورمتين من السهر يسمع خطا بعض المبكرين في الحضور يزداد ضياء الفجر على رجل يحتضن روايته ويلامسها بخده ويشم اوراقها .. التي تفوح داخل روحه كعطر البنفسج يحتضنها اكثر يشعر بدفئها يزاداد الضجيج شيءاً فشيئاً ... ويسمع اصوات السيارات ودحرجة عربات الخضار ... والتحيات المتبادله .. يتلذذ بالنوم برهه ثم يسمع طرق الباب .. يستيقظ محتضناً اوراقه وبصوت خفيف يسأل من ..
يطرق الباب مره ثانيه ... يفتح الباب واذا برجل لاهث من التعب .. من أنت ..
الرجل .. انا سائق استاذ رافع .. الاستاذ تحت لم يصعد .. ثم يبارده يأخي أين تسكن أنت في القمر لقد أتعبتني ذلك السلم ...
يصمتون قليلاً ... الرجل يخرج من جيبه ظرف فيه مبلغ من المال ويقول له هذا لك فاين الأوراق الرجل يتحرك ببطيء نحو المنضده يحملها .. يقربها لصدره يناولها للرجل بتؤدة الى ان تصل الى يد الرجل ينتزعها منه باستغراب .. ثم يناوله الظرف .. ثم ينزل الرجل مستهزءا ويتمتم كل هذه النقود من اجل هذه الاوراق التافهه .. تبا لاابناء الأثرياء الشاذين ... يجري كريم الى النافذه يراقب سياره رافع الفارهه الى ان تمضي بعيداً .....






عباس سلطان .... شاعر من العراق







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق