حرب !
هل هي الحرب ؟
حنان علي ... سوريا
لم أرث من جدتي
إتقان تحضير الزبدة ، في جعبة كفي ألقي أفكاري ، أخضها أخضها و أنثرها أمامي ،
مثلما فعل بنّاؤوا الحرب بالبيوت لما بعثروها في وجه المدينة ، غرفاً مائلة بأسرّة
باردة . " نعمر لذوي الدخل المحدود
" آه ، محدودٌ من يملكُ السكنى هناك !
في يوم سلف ،
أمسكتْ يدي طفلةً ،و تاهت بي عن درب العودة ، لمَ تكن الغوطة سئمت جوارنا بعد و
انسحبت نحو المشرق. حَورٌ و صفصاف ، زيتون و مشمش و نهر ، أخبرتني أنه فرع بردى
" ابنه الصغير مثلك " ، ليتهم لا يجدوننا جدتي ، نعيش هنا "
دائماً " لكنهم يعثرون علينا كل مرة
، لمَ يكثر الآباء من التعنيف ! يخشون أن نضيع منهم ؟
- إن فقدَ الأب ابنه لا يجعله يتيماً أبي . لم أكن أعرف أن الآباء هم الذين يخذلون
وعودهم ، يغادروننا حاملينَ أسماءنا ، و نمسي بمنادى: " يتامى ".
الأخبار تحكي عن
الحرب : تهجير ، قتل ، خطف ، أجانب في البلاد . دمار و طرقات مغلقة.
– " شو يعني
حرب ؟" أتذكر حرب الثمانينات ! ليس
تماماً ، ربما صرخات الأولاد خارجاً ، ركضهم المذعور ، دمعة أمي ، اغتالوه ابن
عمها " علي " الشاب الوسيم ، لا أعرفه ، لكن صورته المعلقة في الصالة
تبتسم لكل من زارنا . لونين فيها ، ربما الزمن خطف بقية الألوان مثلما خطف أمه ،
وجدوها معلقة على شجرة التوت الكبيرة في الضيعة . آه ، تلك الشجرة ، كانت توزع
التوت على البلاد كلها، قطعوها مع شالِ أم علي .
كبر الأولاد و
ابتلعت صرخاتهم الحارة ، علي و صورته و الجدار ذهبوا في " هاون "
العام الفائت . جفون أمي تجعدت ، بيضاء هي ، كبحرٍ، خان ماؤُه ملحَه و مضى. هل
ما يحدث اليوم حرب ؟
رفعوا رايات الجهاد
قرب نافذتها ، " أية جرأة تحمل
جارتنا الفتية ؟ هاجرنا كلنا سواها ؟
خطفوه زوجها قبلاً و عذبوه .
- " أطلقوه ،
يعرف كيف يصلي الصبح ، هي ركعتان !" . من يؤثر مواجهة الموت ، يُغلب ؟ هل يحيا
من يهرب منه ؟ الحياة ليست لطيفة كما أشبعونا، و مفاتيح العودة التي نحمل صدأت ،
هُدمت أبوابها و الأقفال، و الصور المعلقة ، ها هو علي و أمه ، و أبي اُختطفوا أبداً
من الديار .
أعيدُ خضّ أفكاري ،
جافة هي ، مثل أصابع جدتي ، و حقل ليموننا المنفي . جافة كأحلام عابرين تحت
الشرفات، الشاحبة على الرصيف ، الصفراء على الورق ، الورق ..! منه تتساقط
الأسماء مع أحداثها. هكذا يفعلُ اسمي و لقبهُ المقيت ، لليُتم سنُّ رشدٍ يغادر
فيه هويتنا ناسياً عباءته ، في غرفنا المائلة ذات الأسرّة الباردة .
حنان يوسف علي ....
شاعرة من سوريا
|
الثقافي ثقافي : صحيفة اسبوعية تعني بالشؤون الثقافية .. تصدر من على صفحات المنتدى الثقافي ثقافي . تصدر اسبوعيا صباح كل يوم سبت _ صحيفة الثقافي ثقافي لاتتحمل أية مسؤولية عن المواد المنشورة , ويتحمل الكتاب كامل المسؤولية عن كتاباتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكية أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر . .راسلونا :alaahamied1@hotmail.com __ اتصلوا بنا :0045.91454973 الجمعة والأحد... عطلتنا ..______ كوبناهاكن العدد ( 24 )السنة الأولى / السبت 7 / 6 / 2014
المشاركات الشائعة
-
قصتان قصيرتان جدا ابراهيم كمين الخفاجي .... العراق نكاح .. ق ق ج ضمخ الخطيبان هدمهما بالمسك والعود استعدادا للمثول أما...
-
"تعبتُ مِنَ الموتِ يا جُثَّتِي" - شعـر: محمد علي الهاني الفوَانِيسُ تَلْهَثُ في أَوَّلِ السَّطْرِ آهٍ... تعب...
-
كحلها الداكن فخري السلفاني العراق أيقظت وحي الشعر من سباته واجتثت من جوفي الكلمات جعلتها ترقص على صهوة ل...
-
الشيء الجميل وضاح صبوح سوريا هو الشيء الذي لم يسقط بعد من فضاء المخيلة -1- تخيل أن تمتطي حصانا .....
-
أراجع حساباتي عود الارائك ... العراق فترتجف ألكلمات . يسقط كوكبا كان بريا ...
-
كاملة سوالف عتيجة عادل وطن .. العراق صويحب چان رجال فقير من اهل الله ، وعنده مرة أس...
-
رَن قلبي منى البكر فلسطين ... هاتفي رنّ منذ ساعاتٍ أقصدُ منذ سنوات لم ينزعج منکْ ب همس .. سبحان من يُغير الاحوال مابين ...
-
قطاف القبل سنية السعدي تونس أسراب القطا تسامرني تفتح أزار القميص زرا زرا متأملة جراح صدري العاري تصطبغ أجن...
-
قدها سيف على أعمدة العهــــد ==================== شعـــر : محمد العصـــــــــــــامي ==================== استهلال كلما تهت ...
-
اخر الليل بهية مولاي سعيد مطر يخدش حياء النوافذ يبللها برضابه الشفاف حملته غيمة تائهة عن س...
الجمعة، 6 يونيو 2014
حرب ! هل هي الحرب ؟ / حنان علي ... سوريا ..........
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق