المشاركات الشائعة

الجمعة، 7 فبراير 2014

فن الدبلوماسية و دبلوماسية الفن بقلم : العقيد بن دحو /ادرار/الجزائر ................






                                








فن الدبلوماسية و دبلوماسية الفن
بقلم : العقيد بن دحو /ادرار/الجزائر

بين السياسة /فن الممكن ، وما بعد قبل/و في هذا الممكن/ يوجد دائما ما يجمع و ما يربط بين هؤلاء و الإنسان ، يسمى إصطلاحا بفن الدبلوماسية ،هو تواجد منذ القدم يعود إلى عهد الأغريق (ق.5ق.م) DIPLOMA حين كان يربط بين المدينة POLIS و الديمقراطية DIMOS-ECRATUS و في جميع الظروف ، سواء في الحرب أو السم ، كما استطاع هذا الفن الجديد القديم أن يتكيف بفضل التطور الإنساني المعرفي الثقافي ،مع كل التقلبات التي شهدها الكون من قبل الميلاد إلى يومنا هذا.
هذا الميكانيزم الدولي الذي صار فنا و ثقافة و توعية و سلاحا ، تعددت أسباب وجوده
الجيواستراتيجية الدولية و الإقليمية ، و تشبعت مجالات اختصاصاته و توسعت إلى عدة مجالات أخرى العسكرية و المدينة – و لكن في مقامها الأول كان الثقافة و الفن و لو في ظاهره ـ عندما كانت الدبلوماسية الناجحة تعود إلى أشخاص دبلوماسيين مخالفين لاختصاصاتهم الأكاديمية ،ذوو المواهب المتعددة، و اهتمامهم بقضايا وطنهم بشكل خاص ، ولذا كان الأدباء و الفنانون و المفكرون ، هم أولى بهذه المهمة الخطرة الذكاء، لما أوتوا من فطنة ثاقبة ، وعقل راجح يقظ ، و إحساس و شعور مرهف . ولنا في التاريخ الإسلامي الصحابي الجليل مصعب إبن عمير كان أول دبلوماسي ، سفيرا إسلاميا بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم خصيصا ليفقه أهل المدينة في الدين و أصوله ، و ازدهرت أكثر الدبلوماسية في عصر هارون الرشيد و المأمون حين كان عصرهم يسمى بالعصر الذهبي للثقافة و الفكر ، وساد فيهما السلام الإسلامي جميع مشارق الأرض و مغاربها.
أما في عصرنا التنويري كان "شاتوبريان" الأديب الرائع سفيرا محنكا لفرنسا، و الشاعر السيريالي العبقري "مالارميه" و أيضا "جيرودو" و لا أنسى العالم العربي الذي كان غنيا بالأدباء و الفنانين ، من تحمل تأدية فن هذه الرسالة الإنسانية ، فكان الشاعر "نزار قباني" أحسن شاعر و أحسن سفير ، و كان أيضا "البتوري" و كان " بوعلام بالسائح" و كان الشاعر الرائع " أحمد الطيب معاش" و كان الكاتب القدير " محي الدين عميمور " كما لا ننسى دبلوماسي و سفراء النوايا الحسنة " عادل إمام " الممثل الفنان "دريد لحام " و كذا "أحمد زاكي" و إذا كانت في القدم الدبلوماسية تعتمد أساسا على تبادل الرسل فيما بين الدول و السياسات قصد الود و المحبة أو لاتقاء شرها ، أو حتى من أجل التحالف سواء إبان الحرب أو السلم .
أما اليوم و بفعل تشابك دواليب الحياة ، تعقدت المهمة أكثر بل صار لزوما الاعتماد على التبادل المعنوي القيمي الإنساني و لا سيما العلمي منه و الثقافي الفني ، وعندما ترى الدولة نفسها في حاجة إلى إستقرار داخلي الذي ينعكس على حالتها خارجيا فإنها تكثر من دبلوماسياتها و من دبلوماسيها ـ تجاه البلدان و الشعوب طبقا لما تمليه الدبلوماسية و الأعراف الدولية ـ و كذا الرهان السياسي ـ حتى ولو لم يكن للدولة جالية أو مصالح في هذه الدولة أو تلك و العكس صحيح أيضا ، الدبلوماسية الحديثة الثقافية أو الفنية (فن الممكن جدا ) هي أن تكافح و تناضل من أجل تغيير الأفكار و لا طرق السلمية المعهودة ، أن تعمل على فتح أفق مستقبلية استراتيجية معينة في المكان و الزمان و كذا الإنسان ، ناهيك عن التاريخ و الحاضر و المستقبل و بفكره جادة هادفة سواء كانت كلاسيكية أو حديثة أو ما بعد الحداثة استشرافية
هل وصلت الدبلوماسية إلى الضيق :
جل السياسات سواء كانت داخلية أو خارجية ، سواء كانت شمولية أو رأسية أو أفقية ، فهي في حاجة إلى تجديد و إلى تحريك ، و تصل إلى الضيق بذات نفسها، لأنها وليدة اجتهادات أفكار إسنانية أساس و الأفكار في حاجة إلى تجدد و إلى صائد ماهو محنك ، كما أن مورد الشعوب في جميع القيم تمر بفترة كمون ، تعد أحيانا بالعقود من السنين نظرا إلى أزمات و اعتبارات جمة داخلية ، سياسية أو إجتماعية أو إقتصادية لذا يكون انعكاسا مباشرا على دبلوماسية ، تجتاج في الغلاب إلى من يقوم بتفعليها مع ذاتها أولا و مع الآخر ، فمن غير المعقول أن يكون وضعا داخليا مترديا محبط العزيمة ، منهكا اقتصاديا يعطي دبلوماسي اقتصادية متينة الدروع على سبيل المثال و تكون قادرة على خطوط هشة بها ثغرات و فجوات كبيرة.
و إنما التي يجب ، هي تلك التي تساعد على ترتيب الوضع الداخلي من جديد و تعمل على استتباب الأمن و الهدوء و الطمأنينة و إعادة الثقة بين الحاكم و المحكوم ، ومن تمة الإنطلاقة الهادئة من جديد صوب أفق الأمل الهادف البناء ، و أمام هذا الصيق التي وصلت إليه الدبلوماسية العالمية ، بفعل عدة عوامل منها عدم توزيع الثروات العالمية بشكل عادل ،و تجمعها في قطب واحد غربي (آخر) تمخض عنه نوعين أيضا من الدبلوماسية ، فقيرة و سلبية تبحث عن الخبز (بالمعنى الشامل )و غنية عن الترف .
وحتى موازين الفقر و الغنى العالميين تغيرت – فالفقير لا يطلب حقه من الثروة ،و إنما السلطة أيضا ، فالسلطة و الخبرة صرتا مطلبا محليا و عالميا لشعوب الجنوب المعوز .
وتجلت أكثر هذه المطالب الحديثة بعد ما تحطمت أبعاد و جدارات كانت مشيدة و أخرى شيدت من جديد ، كجدار برلين – جدار الأمم المتحدة ، و شيد جدار 11 سبتمبر تحت إسم محاربة الإرهاب العالمي و الدول المارقة)، جدار أخطر و أخطر إسرائيلي و الذي يفصل بين قطاعي غزة و أريحا بدولة فلسطين ،أمام هذا الوضع العالمي /الكوكبي الصعب لم يعد للدبلوماسية سوى قطاعي الفن و الثقافة في عصر فقدت فيه السياسة و الدبلوماسية سلطانهما، لأنهما آخر ما تبقى لجمع شتات البشرية صوب هدف واحد نبيل و جعلها تشعر بنفس الشعور في هذه الحياة ـ أن تنشد الأمل في الإنسان ، لأن الشعوب التي تؤمن بالحب و السلام لابد و أن تفتح قنصلياتها و سفاراتها إلى الفنانين و المثقفين و المفكرين ، إلى مواد فنية و ثقافية و فكرية إنسانية ، تضاف إلى السياسة الدولية .
دبلوماسية تتخذ من شرف الكلمة و نبل المعنى ودفء الحياة و من الإنسان موضوعا ، و من العالم موضعا ، ووقتها وزمانها هو كل العصر و كل الزمان و هكذا بطلت تلك الأطروحات الغضة الفظة التي تقول ليس ضروريا الملحق الثقافي و الإعلامي بقنصلياتها و سفاراتها – أو حتى تزود سياساتنا الخارجية بعناصر و كوادر و كفاءات ثقافية فنية علمية ، و لربما مسحة فنية أو فكرية ثقافية إبداعية خلاقة جنبت البلاد و العباد عراقيل إقليمية و دولية هي في غنى عنها ، و كفتها على العشرات من الإداريين ، و الأطنان من الملفات و الوثائق ، و المعدات و التجهيزات الإدارية المكلفة بالعملة الصعبة ، معتمدة على (تلك الفكرة التي ستغير وجه العالم أو (تلك الهمسة التي ستهز وجدان العالم) أو (تلك اللمحة الأولى التي ستجمع العالم )حين تقرع الدبلوماسية بعصا الفكر و الفن و الثقافة بأبي العقل و القلب يتدفق الإبداع من جنبات صخرة السياسية الدولية وطنيا و عالميا ، ولعل أدرك العالم هذا التغيير النوعي مؤخرا ، إذ صار يبعث دبلوماسيين إلى شتى أنحاء المعمورة للدفاع على قضايا إنسانية بحتة و عميقة الجذور بغض النظر عن المكان و الزمان أو العرق أو الجنس أو النوع ،و بهذا صارت تصبو دبلوماسية الفن و الثقافة إلى إعطاء الفرصة مجددا للخليقة ، بعد أن فشلت دبلوماسية السياسات و الإدارات المتعاقبة ، فرصة ممنوحة للقلم و الكتاب و لأجهزة الإذاعة و التلفزيون و الصحيفة ، عوضا عن المدفع و الرشاش و أشياء أخرى مدمرة للإنسانية جمعاء سواء كانت منضب أو خالص كما صارت تعمل على إعادة الثقة بالحكومات المهزوزة في أناسها الخلاقين المبدعين ، و الذين لم يوظفوا بعض لأغراض ميكيافيلية تخدم السيد الأميرو إمارته وغايته ووسيلة .
ـ أما داخليا ـ :
كما لم يعد فن الدبلوماسية مصطلحا ،و ميكانيزما أساس بمهام خارج الأقطار و الدول ، و بوزارات الخارجية قبل أن تكون حالة خارجية ، و لهذا نجد بعض الدول تشيد مدنا دبلوماسية داخلية في بلدانها بعد أن تشعبت و تعددت اختصاصات المدينة، كما صارت مرتبطة بالدبلوماسية الحديثة أو حتى تبني منتجعات و خلجان، تراعي الجوانب الحضارية الثقافية الفنية ، الاجتماعية الاقتصادية و السياسية و للسفراء و القناصلة وحتى لرجال السياسة و الدبلوماسية بصفة عامة ـ وهكذا صارت أيضا داخلية حتى قبل أن تكون خارجية ، مدن ، منتجعات، كمنتج " شرم الشيخ " بجمهورية مصر العربية ، الحي الدبلوماسي بلبنان منتج "كامب ديفيد " و " برج العرب" المطل على شط العرب بالخليج العربي ، دون أن نسنى المدينة والثقافة و الفكر و السياسة أيضا . وهكذا بفضل الثقافة و الفن و أهلها صارت الدبلوماسية تقوم بوظيفتين خطيرتين ، و أنقذت من رتابتها الدولية ، على الصعيدين داخليا وخارجيا ، شطر تابع لوزارة الداخلية و الأمن القومي الوطني، حيث تسعى إلى استتباب الأمن و إلى الإستقرار الداخلي، وكذا التنمية البشرية و الاستثمار في قدرات الإنسان غير المحدودة ، وعلى الصعيد الخارجي الكلاسيكي و النيوكلاسيك ،حين تصير تقوم برسالة عالمية و للإنسانية قاطبة ، رسالة حب وسلام ووئام تدعو إلى أنسنة الإنسان مجددا ،ومن ثمة يجب ترك الإجتهاد و التنافس النزيه لبني البشر في كسب المعرفة و العلم – دون غلو أو اللانتماء و السعي إلى الخير.خير حيال ،حرية الإنسان الشريف ضمن دورية التاريخ الخالدة .









___________________________________



























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق