المشاركات الشائعة

الجمعة، 21 فبراير 2014

يا باب "حطة" جئتك ساجدا من كتابي / فضاءات اسلامية / لبنان / ص148 كريم شلال .. العراق ...........







                







يا باب "حطة" جئتك ساجدا
من كتابي / فضاءات اسلامية / لبنان / ص148
كريم شلال .. العراق

لقد اهتم القرآن الكريم اهتماما خاصا في بر الوالدين حتى أكد هذا الاهتمام في عدة آيات وفي سياقات مختلفة من القرآن الكريم فتارة يذكره في صلة الرحم كما في الآية "وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ " النساء / 1، والكل يعلم ان بر الوالدين من أبرز مصاديق الرحم، وأخرى يتكلم عنها بصورة مباشرة "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً " الإسراء / 23، وانه اهتمام متفق مع الفطرة الانسانية "فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ " الروم /30، فيكاد يتساوى الكل في قدسية الوالدين والثناء عليهم الا ما ندر وهو من الشواذ ، وذلك لأن سيرة العقلاء قائمة على ذلك ،وهذا ما يؤكده الامام الرابع سيد الساجدين وزين العابدين السجاد علي بن الحسين (عليهما السلام) حيث يقول "آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزينة ينبغي لك ان تنظر ما فيها " ومنها :
"
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا " النساء /36
"
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً " الأنعام /151
"
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً " البقرة /83
"
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا " الاسراء /23
ولو نظرنا إلى جميع هذه الآيات الأربع نلاحظ انها تشترك في معنى واحد ينقسم إلى أمرين:
الأول عبادة الله سبحانه والتسليم اليه وتوحيده. كما قال عز وجل : "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " الذريات /56.. وكما يقول إمام الموحدين ويعسوب الدين أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع): "أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الاخلاص له " نهج البلاغة.
والأمر الثاني الاحسان إلى الوالدين.وهنا لابد ان يتابدر الى الذهن سؤال يطرح نفسه علينا لماذا هذا الاهتمام البالغ بفريضة بر الوالدين وجعلها في المرتبة الثانية من التشريع؟
وللاجابة عنه نقول : نحن نعلم ان الله سبحانه هو الذي أوجد هذا الكون وأفاض الوجود على جميع المخلوقات والكائنات وهو الكمال المطلق المستحق للعبادة والشكر وأوامره ونواهيه ليست جزافية وبدون غاية، بل لا تكون أوامره ونواهيه إلا عن مصلحة وحكمة وقد أعطى فريضة بر الوالدين هذه المنزلة لأن الله عز وجل جعل الوالدين سبب وجود الأبناء وفرض عليهما تربيتهم وتنشئتهم على الوجه الصحيح والآباء والأمهات يشقون ويتألمون في سبيل تحقيق هذه المهمة الشاقة والمسؤولية الكبرى فكان حقاً على الأبناء مقابلة هذا الاحسان بالاحسان والقرآن يشير إلى ذلك "هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ " الرحمن /60، فلا يوجد إنعام بعد إنعام الله سبحانه وهو أعظم من أنعام الوالدين على أبنائهما، ولهذا فالأبناء عاجزين عن رد هذا الفضل ومهما صنعوا من بر فلا يستطيعون ان يؤدوا حق الوالدين فكيف اذا عصوا الله وعقوا الوالدين وفي الروايات العبد لا يستطيع ان يؤدي حق الوالدين فكيف يؤدي حق الله سبحانه.
ولذا فان من أعظم اهتمام الباري عز وجل في هذه الفريضة ما ورد في الروايات انه من أطاع والديه فقد أطاع الله عز وجل ومن عصى والديه فقد عصى الله.
فهذه إحدى صور فريضة بر الوالدين في القرآن :
الســــــــــور الايـــــــــــــات
ـــــــــــــــــــــــــــــ
البقرة 83 / 233
النساء 36
الانعام 151
الاسراء 33
لقمان 14 / 33
مريم 14 / 32
الاحقاف 15 / 17
ابراهيم 41
النمل 19
نوح 28
المائدة 110
وجاء ذكر الوالدين في القران على انماط منها :
الاحســـــــــــــــــــــــــــــــــــــان :
البقرة 83
النساء 36
الانعام 151
الاسراء 23
العنكبوت 8
الاحقاف 15
الكلمة الطيبة وحســـن المعاملة :
الاسراء 23
لقمان 14
التواضـــع ولين الجانب :
الاسراء 24
لقمان 15
الدعــــــــاء لهـــما :
ابراهيم 41
الاسراء 24
الشعراء 86
نوح 28
طاعتهـــــما في غير معصية الله :
العنكبوت 8
لقمان 15
وتبقى منزلة الام تاخذ الصدارة في هذا البر لما لها من اثر واضح على تنشاة الجيل والحفاظ عليه بعد ان تنفث فيه من روحها فيصلها الشارع المقدس لدرجة الشهيد عند لحظة وفاتها في الولادة لعظم المخاض الذي تخوضه لرفد الحياة واستمرارها ، فهي المراة او الام او الحبيبة او الوطن او ما شئت سميها ، هي رقة هي بلسم هي نسمة هي جنة الله التي نحتمي فيها ، هي كهفي الذي يؤويني ، على صدرها انفض اهاتي واطرح همومي لانهض كما الطفل الذي يرتشف حليبا لا لجوع وانما لرشفة حنان ودنو منها ليس الا . . تحت اقدامها كنت اعفر جبهتي، وقرب صدرها الملم شتاتي المبعثر، فاسميها مسبحة عبادتي (ففائها / فضاءي ، وكافها / كلي ، وراءها / روحي) فكيف يجمع اشلاءه من يفقد فضائه وكله وروحه ، هل ليست كما البشر فتجاعيد وجهها ترانيم اغنية تطربني وفراقها سيظل حزني السرمدي ، وعلى حين غرة تهوم عيني ويفارقني النوم ، شعور غريب ينتابني كاني مشرد مطرود من وطني ، كان جذوري كلها تقتلع مرة واحدة ، كاني مطرود من جنان الله الواسعة ، غيوم سوداء تخنقني ، واذا بمناديا ينادي اسرع فان الوطن يتهدم وصومعتك الجميلة تتهاوى ومعبدك الجميل يهوى ، عرفت لحظتها ان هناك موت يسمى ، وروح تغادر جسدها انها المرة الاولى التي اشعر بها باني محبط تائه مكسور مذعور ، فما شأت سميني ، لا اعرف اابكي كما تبكي الثكالى ، ااصرخ ، لا اعلم فعبراتي ظلت حبيسة صدري تتكسر ، والكل مبهور مني فانا صاحب رفقة طويلة معها ، واتساءل هل انتهى كل شيء خلسة ، وهل هذا الرحيل الهاديء هو الرحيل الاخير ، هي لم تخبرني بانها على سفر لاودعها ، فهي تخاف على راحتي ففضلت الوداع الابدي دون عناق ، دون عتاب ، لا اعلم . . اقتربت منها وانا انظر الى ذلك الجسد المسجى لاصرخ صرخة تفلق الحجرالاصم ولاترد علي، على غير عادتها وهي التي تجيبني قبل ان اتكلم . فواحسرتاه ، واولهفتاه ، فاني لم اكن اعرف ان الموت عاجل كما اليوم ولم اعرف بالفراق كما اللحظة يا بيت العطاء ونعمة النعمات وملاذ الامنين لمن ابث شكواي بعدك ، واي صدر يحتضنني بعدك ، كنت تنصتين الي والى سماجتي والى كل غروري ، تمسدين جروحي ، مكانك الغناء المعطر ظل بعدك مهجورا ، لااستطيع ان اقتحمه او انظر اليه ، فكل ركن فيه دهرا يضم قصصا وروايات وكنوزا وذكريات! فكيف لي انا الضعيف ان اختزل كل ذلك برمقة او لحظة ، وكان عزائي ان اطوف حول كعبتك فهو كل ماتبقى منك الي ، ثمة احجار صماء جرداء اقف على حاضرتها واصرخ واعاتب دون مجيب ، ياامي . ياامي ، ويرتعد جسمي لوعة واشتياقا لاخترق ذلك القبر القاسي المخيف ، كي اصل اليها لاشمها ولو للحظة واحدة ، ولولمرة ، فعبيرها نسمة هواء عليل في نهار صيق قائض ، سيمر على جروحي واهاتي ، يعانق صدري الجريح . . ويبقى عزائى ان الخلود لله وحده لاعود مكسورا خالي الوفاض الا من التدرع بالصبر الجميل ، ويبدو اننا سنودع احبتنا واعزائنا مرات ومرات ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق