إِمْرَأَةُ الْمَطَرِ عبد السلام القصاب .. العراق ...............

                         

إِمْرَأَةُ الْمَطَرِ عبد السلام القصاب .. العراق ___________________ أَقْبَلَتْ أُمِّيَ صَوْبِي بِالْعَصَا  كَانَتِ الْعَيْنَانِ تَبْدُو غَافِيَات  وَ الْعَمَىٰ مِنْهَا مَكِينٌ  ظَهْرُها أَصْبَحَ فِي شِبْهِ انْحِنَاءٍ  كَسَنَامٍ لِبَعِيرٍ  صَرَّحَتْ وَ هْيَ تَغُذُّ بِاتِّجَاهِي  كَيْفَ صِرْتَ يَا فَتَايَ هٰكَذَا  وَلَدِي ذَاكَ الْقَدِيمُ  قدْ غَدَا دُونَ حَيَاءٍ آَهِ يَا طِفْلاً كَبِير  فَأَجَبْتُ وَ أَنَا مُخْتَبِئٌ خَلْفَ سَرِيرٍ  لَيْسَ ذَنْبِي إِنَّهُ ذَنْبُ الْنِسَاءِ وَ الْنِسَاءُ  لِلْرِجَالِ كَدَواءٍ فِيهِ دَاءٌ  جَدَّتِي أَرْجُوكِ لَا تُلْقِ عَصَاكِ  إِنَّنِي أَخْشَىٰ الْأَفَاعِي قَبْلَها  أَخْشَىٰ الْنِسَاءَ  قَدْ تَآَمَرْنَ بِكَيْدٍ أَخْرَجَا جَدِّيَ مِنْ  فِردَوْسِهِ وَ هْوَ حَسِيرٌ  جَدَّتِي يَا جَدَّتِي  غَابَ عَنِّي ذٰلِكَ الْطِفْلُ الْصَغِير ُ وَ انْزَوَىٰ خَلْفَ حِجَابٍ مِنْ خَوَاءٍ  مَاتَ مِنْ عِنْدِي وَ خَلَّا خَلْفَهُ طِفْلَاً كَبِير  وَ أَنَا وَ الْفِسْقُ طَوْعَاً لِلْغَرُورِ  إِدَّعَيْنَا أَنَّنَا مِنْهُ بُرَاءٌ  وَ أَنَا وَ الْعِشْقُ مِنْ فَوْقِ الْسَرِيرِ  قَدْ غَدَوْنَا بُرَءَاءً أَبْرِيَاءً  صَيْفُنَا جَدَّتِي وَلَّىٰ  وَ الْخَرِيفُ خَلْفُهُ عَبْدٌ أَسِيرٌ  لَاحَ لَمْحٌ لِشِتَاءٍ  أَتْخَمَ الْنَفْسَ بِبَرْدٍ وَ صَرِيرٍ  أَمْطَرتْ مَنَّ الْسَمَا  هٰذِي الْسَمَاءُ وَ شَعِيرَاً وَ أَفَاعِي  أَمْطَرَتْ دُنْيَايَ زَخَّاً مِنْ نِسَاءٍ كَاسِيَاتٍ عَارِيَاتٍ  فِتْنَةٌ دُونَ رِدَاءٍ  فَغَزَلْتُ بَعْضَ شَعْرِي كَلِبَاسٍ مِنْ حَرِيرٍ  يَا سَمَائِي !  أَ شَعِيرٌ وَ أَفَاعِي وَ نِسَاءٌ !  أَوَ كُلُّ ذٰاكَ فِيكِ يَا سَمَاء !  فَتَهَادَىٰ مِنْ دَمِي أَشْهَىٰ غَدِيرٍ  هَفْهَفَ الْقَلْبُ اشْتِهَاءً  لَسْتُ أَرْجُو مِنْ حَيَاتِي جَدَّتِي غَيْرَ حَيَاتِي  غَيرَ كأسٍ وَ نَدِيمٍ وَ دَلَالٍ وَ بَهَاءٍ  كِسْرَةٍ مِنْ خُبْزِ أُمِّي كَوْمِ قَشٍّ لِشَعِيرٍ  إِسْتَحَالَ كَحَصِيرٍ  جَسَدٍ قَدْ بَاتَ يَغْفُو بِجِوَارِي مِثْلَ بَدْرٍ إِذْ يُنِير  وَ أَنَا أَجْثُو لِدَيْهِ كَأْسِيرٍ  حَامَ مِنْ حَوْلِي كَأَفْعَىٰ تَنْهَشُ الْلَحْمَ وَ تَمْتَصُّ الْدِمَاءَ  قُلْتُ مَهْلَاً فَأَنَا لَا لَنْ أَطِير  هِيَ قَالَتْ أَنْتَ دَعْنِي أَرْتَوِي مِنْكَ بِمَاءٍ كَالْدِمَاءِ  وَسْوَسَ الْشَيْطَانُ فِي صَدْرِي غُرُورَاً  إِفْتَحِ الْأَزْرَارَ عَنْكَ لَا تَكُنْ فِي إِنْطِوَاءٍ  قُلْتُ هَيَّا مَتِّعِينِي مَتِّعِي وَقْتِي قَصِيرٌ  أَغْمِضِي عَيْنَيْكِ عَنْهَا إِنَّهَا مَحْضُ سَمَاءٍ  فَالْتَوَيْنَا وَ انْحَنَىٰ فِينَا فَضَاءٌ  وَ غَدَوْنَا لَا نَمِيزُ بِيْنَ شَعْرٍ وَ شَعِيرٍ  إِسْتَحَالَ الْشِعْرُ فِينَا كَغَوَانٍ فِي مَسَاءٍ  فَتَثَنَّتْ وَ تَثَنَّتْ صَرَخَتْ آَهٍ كَفَىٰ  وَ جَرَىٰ مِنْهَا يَسِيرٌ مِنْ دِمَا  فَانْطَوَىٰ مِنْ تَحْتِنَا الْقَشُ الْحَصِيرُ  وَ اسْتَحَالَ قِطْعَتَيْنِ مِنْ فِرَاشٍ وَ غِطَاءٍ  فَسَحَبْنَاهُ بِغَفْلَه  رُحْنَا غَطَّيْنَا الْضَمِيرَ  قَالَ: مَاذَا تَفْعَلُونَ ؟  قُلْنَا: قَدْ حَلَّ الْمَسَاءُ  فَبَدَا فِيهِ سُبَاتٍ وَ عَلَا مِنْهُ شَخِيرٌ  ثُمَّ مَاتَ وَ تَلَقَّتْهُ الْسَمَاءُ  رَاحَ إِبْلِيسُ يُغَنِّي طَرَبَاً فِيهِ رِيَاءٌ  وَ هْوَ يَثْنِي ذٰلِكَ الْقَشَ عَلَىٰ ذٰاكَ الْضَمِيرِ  إِجْعَلُوا الْقَشَّ حِجَابَاً أَوْ نِقَابَاً أَوْ عَبَاءَه  لَيْسَ يَعْنِينِي دُعَاكُم  هَا أَنَا أَغْوَيْتُكُم يَا أَدْعِيَاءَ  قَبْلُكم ضَلَّ أَنَاسِيٌ كَثِيرٌ  ثَبَّتَ الْحُفَّاظُ مِنْ حَوْلِي وَ مِنْ حَوْلِ الْسَرِيرِ  فِي تَقَارِيرٍ سَتَعْلُو لِلْسَمَاءِ  وُلِدَ الْيَوْمَ غَرُورٌ  لَيْس مُحْتَاجَاً إِلَىٰ أَيِّ  سَرِير عَبد السَلام القصَّاب ______________________________