المشاركات الشائعة

الجمعة، 23 مايو 2014

آصابعي (قصة قصيرة) / خالد شاتي ..... العراق
















آصابعي
(قصة قصيرة)
خالد شاتي ..... العراق
_____________



لم أدخلها منذ شهرين غرفتي الصغيرة والقديمة التي تشبه والى حد بعيد غرف الاعدام التي كان يدخلها المرء مكرها ومغلوبا على امره من دون ان يكون له سبيلا الى الهرب؟
أو يجد ملاذا آخر غير أن يُسلِم نَفَسهُ ألاخير ويترك جثة هامدة من غير حراك؟
الليلة كل ما حولي يدعوني لدخولها...
جسدي كله يرتجف وتدور في راسي أفكارٍ لم آآلفها من قبل حتى أصابعي هي الاخرى بدت لي أنها تتحرك بغير اِرادتي ومن دون أمرمني؟
وكأنها تريد أن تسجل لي اِعترافا لم آنطق به أو أستعد له والغريب في ألامر أني أجد نفسي منقاداً لها كسجين ينتظر حُكما سيقرر مصير حياته كلها؟
تملَكتني رجفة سيطرت على مكامن روحي وتركت جسدي كريشة في مهب ريح عاصف لا أعرف من أين أتت أو كيف ستنتهي؟
حتى وجهي اِمتلىء بحبات عرق اِنتشرت كأدلة ورسمت عليه لتغري الناظر لي بالادانة وسبق الاصرار والترصد.
جلست على ذلك الكرسي القديم والذي بمجرد الجلوس عليه يترك أزيزا مزعجا يشبه صوت صراصير بعد منتصف الليل؟
قوة تسيطر عليَ هذه الليلة وتحرك آصابعي بطريقة غريبة كأنها تُقيم طقوسا غريبة تُمجد فيها التمرد على كل الموجودات والقوانين،وهانذا آنصاع لها من دون اِبداء آي مقاومة تُذكر؟
وفي تلك الحالة سأكون أنا الخاسر الوحيد في الليلة المجنونة تلك؟
راُودتني نفسي بالِانشغال بأحداث وآمكنة كنت قد عشتها في زمن ماضٍ لم آكن أُفكر فيها او تخطر لي على بالٍ لعلي أخمد تلك الارادة الخفية او أشغلها عن السيطرة عليَ أو على أصابعي على وجه التحديد؟
فكرت بجميع هزائمي الماضية التي جعلتني أتعثر في عيش هو الاَقرب مايكون الى موت بطيء منه الى حياة مستقرة وهادئة.
برَزَت تلك الِارادة وطفت على صفحات ذاكرتي من جديد وتلبست تحديا جديدا لتمرغني في مستنقعات هزائمي لتكون دافعا ذاتيا نحو الانهزام والانصياع لها؟
لتسيطر على اصابعي من دون تدخل او أمر مني وكانها غريبة عني ولاتخصني وتكون هي الاخرى خارج اِرادتي ،فكلما أردت الهروب منها،جرَتني بقوة الى أعماق خاوية في ذاتي لم اكن لآجرأ على الوصول اليها فضلا عن الدخول في متاهاتها؟
أصابعي..تتحرك كانها في كرنفال بوذي وهي تمتد وترتد كأفعى ،وأنا أنظر اليها
مبهوتا حدَ الفزع،تصل الى وجهي وترجع كأنها تغريني على الامتثال لها من دون تمنَع ،حاولت جاهدا أن أعيد وعيي ويقظتي الي ،كي أصدر لها آمرا بالتوقف حالا والرجوع الى طبيعتها المسالمة ،لكن من دون جدوى...؟
تصَنعت النوم وعيوني شبه مفتوحة تنظر اليها ،وهي تتشنج تارة وتتيبس تارة اخرى،
الليل يمتد بظلامه الى اجزاء غرفتي القديمة فيزيدها اتساعا وهوة ،وكانني في مكان لم يعد يعرفني ولا أعرفه.
جلست على طاولتي الخشبية التي تشبه طاولة الاعتراف بالخطيئة عند بعض الاديان ،وأنا أرتجف ذعرا فكلي لي وتحت أرادتي الا تلك الاصابع الملعونة التي مابرحت تشاكسني وكانها ليست جزءا مني بل اِستقلت عني وها هي الان تريد أن تأخذني الى حيث مشيئتها وليس مشيئتي، اِمتدت الى تلك الورقة والقلم اللذان كنت كثيرا ما اضعهم على الطاولة اِصطيادا لفكرة او ومضة او قصيدة ،كانت تمر ببالي عندما آخلد للنوم فاذهب مسرعا لتدوينها خوفا من النسيان او الانشغال بامور الحياة ومعيشتها ، جلبت آصابعي الورقة والقلم وجرت قبضتي اليهن بطريقة قسرية لادخل لي بها،صرت أُصارع خوفي من تلك الحادثة الغريبة والتي لم احسب لها حسابا،بدت أصابعي تتلمس الاحرف بعناية في كتابتها وبطريقة واضحة وجميلة بعد ان شاورت عقلي بالقبول والامتثال لها بكل ما تكتب وأنا بينها وبين عقلي عاجز لا اقوى على القبول او الرفض بل كأنني لم اكن جزء من الموضوع ولا سيادة لي على نفسي ،لاسيما تلك الفكرة الممجنونة التي هيمنت علي تلك اللحظة وهي الانتحار بالرغم من أنني لم افكر في هذا الامر مسبقا ولم يكن يوما في حسباني وأنا أعلم أن الانتحار حراما محض ،كما أن ماكان يمر بي لايستوجب تلك المسرحية التي آخرجتها أصابعي لتغري بها عقلي المتعب أو تستغفله كي ينقاد لها طائعا من غير أن يشيرني أو يثق بي.
عرقت جبهتي من الخوف من مجرد تلك الفكرة المجنونة التي راودت أصابعي هذه الليلة بالذات، مازالت سبابتي اليمنه و أبهامي ممسكين بالقلم بطريقة تخيفني وهي غير طائعة لي بالمرة،أرادت جرَي مكرها الى ارادتها بالكتابة اني فلان بن فلان قررت الانتحار لعدم أهليتي بالعيش في هذه الدنيا لذا ساذهب غير ماسوف علي لاريح وأستريح منها..؟
اِضطربت ،اِرتجفت ،وانا أرى عزم آصابعي على المضي بتلك الجريمة التي حاكتها بنفسها من دون اِذن مني،حاولت منعها وقبضها لكن من دون جدوى ،هيمنت على كل كياني وجسدي تلك الفكرة التي لم يكن لنفسي فيها دخل ولا رأي ولا اِستعداد
كتبت آصابعي اِني فلان بن فلان قررت أأأأ...... حاولت منعها لكن لا كانت عازمة على فعلتها مع سبق الاصرار والترصد ...أنا ...خ ..حاولت ان اُحفز عقلي لمنعها لكنها كانت الاقوى في تلك المعادلة الخاسرة ...فقدت الاتزان حولي وصار كل شيئا يدور حولي وغير ثابت ..فوقعت من طولي ........................؟
وفي صباح اليوم التالي أستيقظت وانا أرى آصابعي تنزف دما عبيطا وقد لفت بشي من قطعة قماش بالية..لأستمع لصوت اُمي وهي تقول:-
-
بني لم ضربت آصابعك بكعب فردة حذائك حتى آدميتها
-
سكت وأنا أنظر الى آصابعي التي عادت آدراجها لتكون ضمن اِرادتي وهي ذابلة ترتجف من الالم..!!!




خالد شاتي ... شاعر من العراق


_____________________________









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق